غرامشي : في مفهوم الوطني الشعبي و في طبقة المثقّفين الجالسين فوق السحب
ما ذا يعني أن الشعب الإيطالي يفضل قراءة أعمال الكتّاب الأجانب؟ هذا يعني أن الهيمنة الفكرية والأخلاقية للمفكرين الأجانب تطغى عليه، هذا يعني أنه يشعر أنه مرتبط بالمفكرين الأجانب أكثر من ارتباطه بالمفكرين المحليين، أي أنه لا يوجد في بلدنا كتلة وطنية، فكرية وأخلاقية، لا هي تراتبية ولا هي مساواتية. لا ينبع المثقفون من الشعب، حتى وإن كان أحدهم، صدفة، ينحدر من أصل شعبي؛ فهم لا يشعرون بأنهم مرتبطون بالشعب (وإن شعروا فمن زاوية البلاغة فقط)، يجهلون حاجيات الشعب ولا يشعرون بها، يجهلون متطلّعات الشعب، المشاعر المتفشّية فيه؛ إنهّم أشخاص منعزلون، جالسون فوق السحب، أي أنّهم طبقة منغلقة ولا يشكّلون عنصرا للشعب نفسه بوظائف عضوية. يجب أن تمتدّ المسألة إلى كل الثقافة الوطنية الشعبية، لا أن تنحصر فقط في الأدب: أي أنه يجب قول نفس الشيء عن المسرح، عن الأدب العلمي بصفة عامة (علوم الطبيعة، التاريخ، إلخ)…كل هذا يعني أنّ « الطبقة المثقّفة »، بنشاطها الفكري، منعزلة عن الشعب-الوطن، ليس لأن الشعب-الوطن لم يظهر أو لا يظهر اهتمامه بهذا النشاط الفركي على كل مستوياته، من أسفلها إلى أعلاها، والواقع يبرز بوضوح أنه يبحث في هذا المجال عن الكتب الأجنبية، بل لأنّ العنصر الفكري الأهلي (أي المحلّي) غريب في نظر الشعب-الوطن أكثر من غرابة الأجانب. »
كتبها: أنطونيو غرامشي (1891-1937)
الترجمة من الإيطالية: محمّد وليد قرين
مقتطف من « مفهوم الوطني الشعبي » ، في دفاتر السجن، ، الدفتر رقم 21.
El Marto sosyal-المارطو صوصيال 