أحفاد بن مهيدي لن يعتذروا!

بداية أحيّي تحية احترام أنصار لاصام ( » جمعية عين مليلة)، مسقط رأس القائد الثوري الشهيد العربي بن مهيدي، لإنجازهم ورفعهم التيفو التضامني مع كفاح الشعب الفلسطيني التحرري. تيفو اختصر ببراعة تواطء النظام الملكي السعودي مع الامبريالية الأمريكية وخيانة من يدّعي خدمة الحرمين الشريفين للقضية الفلسطينية. هو تيفو عبر بطريقة رائعة عن رأي الشارع، عن تضامن جزء كبير من المواطنين والمواطنات مع الكفاح الفلسطيني المسلح من أجل تحرير أرضه من الصهاينة المستعمرين، المجرمين، المغتصبين لأرض الغير. هذا من جهة. من جهة أخرى لا يعتبر رفع التيفو في الملعب من قبل أنصار جمعية عين مليلة « واقعة معزولة وانفرادية »، على عكس ما تظنه جهات في السلطات الرسمية ببلدنا، بل عبّر التيفو عن الذم العلني والاستنكار الشديد الذي غالبا ما يوجهه جزء كبير من المواطنين للمملكة السعودية بسبب عدم مهاجمتها للكيان الصهيوني والقيام عوض ذلك بشن تحالف وحشي ومجرم على اليمن، أفقر بلد عربي وأفقر البلدان في العالم. يكفي أن تصغي السلطات الرسمية إلى صوت الشارع في وطننا للتأكد من ذلك.

لقد رأى كل مواطن متتبع للأخبار طيارات حربية سعودية تقصف منازل مدنيين في اليمن وتقتل من فيها، من أطفال ونساء ومسنين. حبّذا لو رأينا الطيران الحربي السعودي وحلفاءه من إماراتيين وأردنيين يقصفون تل أبيب ويشنون حملة عسكرية على الكيان الصيهوني، يقصفون ويدمرون فيها قواعد جيشه. حبّذا ولكن المملكة السعودية وحلفاؤها لن يفعلوا ذلك أبدا. الخيانة تسكنهم حتى النخاع! ماذا عسانا أن ننتظر من مملكة باركت الغزو الاستعماري الأمريكي على العراق في بداية هذا القرن وباركت « الثورة السورية الديمقراطية » المتبلورة في مخابر أمريكية من أجل تدمير الدولة السورية وإضعافها، لأنها تشكل قوة مقاومة هائلة في وجه الكيان الصهيوني.

من العيب أن تصف السلطات الرسمية في بلدنا لافتة أنصار عين مليلة باللافتة المسيئة للعاهل السعودي. هذا خطأ فادح! العاهل السعودي ليس لا نبيا ولا رسولا ولا كائنا مقدّسا بل هو مسؤول سياسي يجوز انتقاده كغيره من الناس. ثم من نصّبه ملكا يا ترى؟! شعبه؟! طبعا لا.

 من العيب أن تأمر السلطات الرسمية بفتح تحقيق في واقعة رفع اللافتة التضامنية مع كفاح الشعب الفلسطيني في ملعب عين مليلة. إنّ التيفو الذي رفعه أنصار لاصام يدلّ على أنّ الوعي الوطني الثوري المناهض للاستعمار الجديد وللامبريالية الغربية (الفرنسية والبريطانية والأمريكية والألمانية) أو الشرقية لا يزال حيّا وقويا في نفوس العديد من الشبان في وطننا، ورفع التيفو في الملعب يدلّ على أن الأنصار في ملاعبنا ليسوا  « مجموعة من الصعاليك أو الوحوش » حسب الخرافة التي تروّج لها وسائل الاعلام البورجوازية المحتقرة لرياضة كرة القدم الشعبية. هل يجب أن ننتظر أن تفتح السلطات الرسمية تحقيقا في كل المواطنين (وأعدادهم كبيرة) الذين يستنكرون الموقف الرسمي السعودي المتواطئ مع الامبريالية الأمريكية؟! حقيقة يدعو الأمر إلى القلق.

لقد فجعت كغيري من المواطنين عندما علمت أن السلطات الرسمية اعترفت أنها قدّمت للنظام الملكي السعودي اعتذار الجزائر قيادة وحكومة وشعبا بسبب اللافتة المرفوعة في ملعب عين مليلة. أوّلا، لا يحقّ للمملكة السعودية أو لأي بلد أجنبي أن يتدخل في شؤوننا الداخلية. التيفو وكل ما يحدث في وطننا يخصنا نحن فقط كجزائريين. والتدخل في شؤوننا الداخلية مساس خطير بسيادتنا الوطنية. ثانيا، الشعب الجزائري (الذي أنتمي إليه وأنا جزء منه) لم يقدّم اعتذارا للنظام الملكي السعودي، بل باركت أغلبيتنا التيفو الذي رفعه أنصار عين مليلة المستنكر لتواطؤ آل سعود مع الولايات المتحدة الأمريكية، أوّل مموّل للكيان الصهيوني، الذي يعدّ أداة في يد الاستعمار الغربي في منطقة الشرق الأوسط.

إنّ هذا الاعتذار الرسمي يعد حدثا خطيرا يجازف بسيادتنا الوطنية وبسمعة وطننا. كتب القائد الثوري الشهيد محمد العربي بن مهيدي في جويلية 1956، على جريدة المجاهد، ما يلي: « إنّ الأمّة الجزائرية تحت الارشاد المنير لجبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني المجيدين ستواصل مسيرتها بخطى مظفّرة، من أجل الاستقلال الوطني، من أجل استئصال الاستعمارية الرجعية ومن أجل جعل الحريات الإنسانية تنتصر في إطار المساواة والأخوة العالمية. » من أجل جعل الحريات الإنسانية تنتصر..

قلنا في البداية إنّ عين مليلة هي مسقط القائد اثوري الشهيد بن مهيدي ونرى في موقف أنصار عين مليلة المناهض للامبريالية الأمريكية ولتواطؤ آل سعود معها رمزية قوية مع مواقف الشهيد بن مهيدي الثورية، الذي كان مناضلا وطنيا مناهضا للامبريالية وللاستعمار ليس فقط في وطننا بل في العالم أسره. يمكننا أن نقول إذا وبقلب منشرح أن عقلية بن مهيدي لا تزال حية في وطننا ولو كره الكارهون من أعداء وخونة للوطن.

دائما بخصوص القائد الشهيد بن مهيدي، لا شك أن أغلب القراء لا يعلمون أنّ منزله المتحف قد تم تدميره في مارس 2011 ببسكرة. مارس هو الشهر الذي استشهد فيه بن مهيدي. أجل، لقد دمّرت جرّافات منزل القائد الوطني الثوري مدّة يومين وسط لامبالاة من السلطات الجزائرية الرسمية على جميع المستويات. لم تتدخل أية جهة لا من السلطات المحلية والولائية ببسكرة ولا من السلطات الرسمية لإنقاذ منزل القائد الشهيد من الدمار (لأنه كان في وضعية سيئة وكان بحاجة إلى ترميم شامل). إنه لأمر مقزّز ومثير للسخط. إنّ تجاهل ترميم منزل بن مهيدي وعدم منع تدميره مساس خطير بجزء هام من الذاكرة التاريخية الوطنية. لم يكن منزل « حركي »، كان منزل أحد مفجري الثورة التحررية الوطنية وأحد المنظّرين لها. أهذا هو مصير أماكن الذاكرة الوطنية الثورية؟! أهكذا يتم تكريم ذاكرة أبطال حرب التحرير الوطنية؟!

كتب النص: محمّد وليد قرين

 

مصدر خبر تدمير منزل القائد الوطني الشهيد بن مهيدي ببسكرة:

https://www.socialgerie.net/spip.php?article415

صفحة أنصار جمعية عين مليلة على الفيسبوك (الصورة أسفله مأخوذة من صفحة أنصار النادي):

https://www.facebook.com/asainmlilafans/

ben m'hidi

 

Maison de Larbi Ben Mhidi Biskra detruite
 

منزل القائد الوطني الثوري الشهيد محمد العربي بن مهيدي، قبل وبعد تدميره

 

 

Votre commentaire

Entrez vos coordonnées ci-dessous ou cliquez sur une icône pour vous connecter:

Logo WordPress.com

Vous commentez à l’aide de votre compte WordPress.com. Déconnexion /  Changer )

Image Twitter

Vous commentez à l’aide de votre compte Twitter. Déconnexion /  Changer )

Photo Facebook

Vous commentez à l’aide de votre compte Facebook. Déconnexion /  Changer )

Connexion à %s

%d blogueurs aiment cette page :
search previous next tag category expand menu location phone mail time cart zoom edit close