في جوان 1947 قرر مجموعة من المناضلين الوطنيين، في دائرة حسين الداي الشعبية والعُمّالية، دمج ثلاثة أندية كروية في فريق واحد باسم شعار الاتحاد في النضال الوطني الرياضي ضد ثقافة المستعمر الفرنسي التي كان يمثلها محليا نادي المستعمِرين أولمبيك حسين داي Olympique Hussein Dey. فاتفق المناضلون الوطنيون على تسمية الفريق الموحد “نصر حسين داي”. وجسّد لاعبو النصرية، المعروفة شعبيا بالـمِلاحَة، ثقافة النضال على ملاعب كرة القدم، هم من كانوا يناضلون من أجل الحرية واستقلال الوطن.
ضمت قائمة مؤسسي نصر حسين داي اسم الأخوين زيوي، محمد آكلي ومحمد. يحمل الملعب البلدي بحسين داي اسمهما. كان الأخوان أولاد الحومة. كبرا في حسين داي، في حي ليفيي (اسمه الحالي هو المقريّة). محمد آكلي كان عضوا في إدارة الفريق وكان محمد من جهته لاعبا (كان يشغل منصب جناح) بالإضافة إلى كونه هدّافا بارعا. ولكن ما لا يعرفه عديد المراهقين والشبان من أنصار ومحبي الملاحة، والذي يجب التوقف عنده وسرده، هو أنّ الأخوين زيوي كانا مناضلين نقابيين لا يكلاّن في الكفاح من أجل العدالة الاجتماعية وضد استغلال وحقرة العمّال في مصانع الاستعمار. كان محمد آكلي يناضل في نقابة (مؤسسة طرامواي الجزائر في عهد الاستعمار الفرنسي) وكان محمّد يناضل في نقابة المصنع الذي كان يعمل فيه بـخرّوبة (مصنع الشركة الفرنسية آرليكيد). وعند اندلاع ثورة التحرير الوطني انخرطت عائلة زيوي، كأغلبية العائلات الجزائرية، في الجهاد من أجل الاستقلال الوطني ووضع حد لحقرة الاستعماريين ولاستعباد الإنسان للإنسان.
كان محمّد زيوي عضوا مؤسسا للاتحاد العام للعمال الجزائريين في شهر فيفري 1956، بقيادة الشهيد عيسات إيدير. كان محمّد أخا ورفيقا لـلشهيد محمد فليسي، لبوعلام بورويبة، لرابح جرمان، لطاهر قايد، كلهم أعضاء مؤسسون للاتحاد العام للعمال الجزائريين.
باشتداد كفاح الشعب الجزائري من أجل الحرية والاستقلال اشتدت التضحيات فألقت السلطات الاستعمارية القبض على صالح زيوي، الأخ الأكبر، وسجنته ثم عذّبته حتى الموت فاستُشهد المجاهد في ديسمبر 1956 في سجن بارباروس (سركاجي حاليا، بالعاصمة). بعد بضعة أيام أتى دور محمد آكلي فسقط معتقلا بين أيدي الاستعماريين الذين زجوه في سجن البرواقية (ولاية المدية). حينها أدرك محمد أنه لا يمكنه البقاء مجاهدا ومناضلا بالعاصمة فقرر مغادرة الحومة حسين داي وهكذا التحق بصفوف جيش التحرير الوطني وتم تعيينه قائد كتيبة.
سقط محمد شهيدا في إحدى المعارك ضد جنود الاستعمار الفرنسي. ارتبط نضال محمد على ملاعب كرة القدم وثقافة الكفاح التي كان يحملها بالجهاد من أجل كرامة الإنسان، من أجل العدالة الاجتماعية والتحرر من الاستعباد، تحرر وطني وتحرر اجتماعي. تلك كانت فلسفته وقناعته. تلك كانت كذلك ثقافة وفسلفة وقناعة ونضال اللاعب المجاهد والقائد الثوري بن مهيدي. تلك كانت ثقافة وفلسفة وقناعة ونضال لاعبي كرة القدم الجزائريين والمجاهدين والمجاهدات الذين آمنوا بقيم 1 نوفمبر 1954 وانخرطوا في حرب التحرير الوطني.
يبقى الشهداء الإخوة زيوي أحد الوجوه والرموز الرئيسية في الذاكرة الثورية والنضالية العمّالية لدائرة حسين داي. ذاكرة يجب حفظها والتذكير بها. رحم الله كل شهداء الوطن.
(المرجع، أنظر مقالة مزيان أوراد،Meziane Ourad, L’arme et les crampons، أسبوعية Algérie Actualié، العدد 995، من 8 إلى 14 نوفمبر 1984. أشكر جزيل الشكر الأخ صالح نزيم زيوي، حفيد الشهيد صالح زيوي، على إرساله لي مقالة مزيان أوراد التي أفادتني كثيرا)
بقلم: محمد وليد قرين
هذا النص جزء من مقالة صدرت على جريدة الحياة الجزائرية. الرابط بقراءة المقالة: