اعترافات متحرِّش سابق

     إنّ منظر شاب يهيم على وجهه لا وجهة لخطواته، يطلق التعليقات و المعاكسات و مختلف المداعبات ذات الإيحاءات الجنسية حول المظهر الخارجي للنساء و يتمادى أحيانا للتحديق في أجسادهن و التصفير هو منظر مألوف جدّا لا يضايق أحدًا، أدرك ذلك تمامًا لأنّني كنت يومًا هذا الشاب.

       لم تكنْ لي حرفة سوى إهدار الوقت في بعض التسالي الرخيصة أنسى بها فشلي في الحياة الذي إعتبرته مسؤولية الدولة و الحكومة  وأبي و أستاذ الرياضيات أو بالأحرى مسؤولية الجميع إلاّ أنا، كنت أتسلى بالسجائر و جميلات المدينة.

      أعترف الآن أّنّ كلّ الفتيات كنَّ جميلات بغض النظر عن شكلهن، عمرهن أو لبسهن، و أعترف أننّي كنت أكرههن جميعًا، أحبهن جميعًا، أتمناهن جميعًا و لا أحصل على أيّ منهن أبدًا.

     اليوم و قد مضت كلّ هذه السنوات منذ كنت أتصيد النساء في حافلات النقل العام لألصق جسدي بهن للحظات أتساءل:  كيف تشعر المرأة و احدهم ينتهك مساحتها الخاصة و يجبرها على اتخاذ موقف دفاعي يتماهى في أغلب الأحيان في الصمت؟ لم أكن أعي آنذاك أنَّ المرأة تشعر مطلقًا فقد كنت أعاني من تشييءْ المرأة الذي إرتبط غالبًا بتشييءْ نفسي.

     عندما تحضرني تلك الممارسات ينتابني شعور عارم بإحتقار الذات و إحتقار المجتمع الذي يطأطئ رأسه لنظرات فتاة تستغيث به، أشفق على كلّ النساء اللواتي لا يملكن إلاّ الصمت جوابًا، و ارفع قبعتي إحترامًا لليلى الفتاة التي أيقضتني صفعتها حين تحرشت بها فضربتني و قالت:  » دير حلّ لعمرك  » …

 

كاتبة النص: إناس بن عبّاس

Votre commentaire

Entrez vos coordonnées ci-dessous ou cliquez sur une icône pour vous connecter:

Logo WordPress.com

Vous commentez à l’aide de votre compte WordPress.com. Déconnexion /  Changer )

Image Twitter

Vous commentez à l’aide de votre compte Twitter. Déconnexion /  Changer )

Photo Facebook

Vous commentez à l’aide de votre compte Facebook. Déconnexion /  Changer )

Connexion à %s

%d blogueurs aiment cette page :
search previous next tag category expand menu location phone mail time cart zoom edit close