في مساء ذلك اليوم الشتوي
نزلت إلى حي حسين داي
من القبة حومتي
حسين داي لديه رمزية خاصة
مررت من عمارات حي عميروش
الشعبية
مثلها مثل العمارات في ڢوبان ولاسيلا
*
تمشّيت في تريپولي، شارع طرابلس
تحت شمس نوفمبر الباردة
تريپولي فقد أشجاره
لقد تمّ ترحيلها
تريپولي تم تعريته
من ثوبه الأخضر
لكي يستطيع الطرامواي المرور بسهولة
لقد فقد تريپولي حيويته، ديناميكيته
تمشيت فيه في الماضي
رفقة المرحومة أمّي
عندي بعض الذكريات عن تريپولي
لأني امتحنت الباكالوريا
في ثانوية عائشة
*
في شارع طرابلس رأيت
ورشات فارغة
ومصانع وطنية شبه مهجورة
بنوافذ مكسّرة
ومنازل قديمة ومستودعات ومعامل منهارة
مررت من أمام باب
الصونپاك، الشركة الوطنية المرحومة

الشركة الوطنية للمطاحن وانتاج الدقيق والعجائن الغذائية والكسكس

الشبيهة اليوم بجثة
مقتول على الطريق مرمية
من اغتالها؟ الجواب:
جماعة عبيد رأس المال
أصحاب البوشكارة
الذين اتخذوا المال ربّا
عندما فتحوا الأبواب
في ثمانينات القرن الماضي
للغولة الليبرالية
باسم « إعادة الهيكلة«
و »الانفتاح » على « السوق الحرة«
والركوع والسجود للايدولوجيا الاستهلاكية
الصونپاك اغتالها أصحاب البوشكارة
مثلما اغتالوا الصونيپاك
الشركة الوطنية لصناعة الجلد
ومثلما اغتالوا الصنونيتكس
الشركة الوطنية لصناعة المنسوجات
شاهدوا فقط صور مونديال 82
عندما غلبت الخضراء الألمان
بأقمصة صنعتها الصونيتاكس
لا أديداس أو نايك أو بوما
أقمصة ارتداها فرقاني وماجر وقندوز، أولاد النصرية
هذا يعني الكثير، هذا كله رمزية
أعتبر حي حسين داي
كحومتي الثانية
هو جزء من الذاكرة العائلية
أبي درس سنتين في ثانوية الثعالبية
في سبعينات القرن الماضي
فترة الإنجازات
في الصناعة والفلاحة والثقافة
فترة تأميم المحروقات
وبناء مؤسسات وطنية
مؤسسات شيّدتها وشغّلتها أياد جزائرية
غير خاضعة لسلطة استعمارية أو امبريالية
في سبيل التحرر من التبعية الاقتصادية
فترة الإيمان بعقيدة
في جوهرها اجتماعية وشعبية
وطنية جماهيرية أخوية تضامنية
عقيدة ضد العبودية
أي ضد رأسمالية
فترة مجيدة للحمراء والصفراء
وأمي رحمها الله
امتحت الباكالوريا في ثانوية عائشة
في أفريل الماضي بدأ حي حسين داي
يتحرك من جديد

وأعلن أنصار الملاحة
عن عودة نصر حسين داي إلى الواجهة
وصرخوا على كل جدران الحومة
في حي عميروش، في تريپولي، في شولي
في ڢوبان، في بروسات، في كارتي شاوية
في البحر والشمس ولاسيلا
دون أن ننسى ليڢييي (المقارية)


مهد الحمراء والصفراء النصرية
صرخوا صرخة رجل واحد
برسوماتهم وكتاباتهم الحائطية
أنّ حسين داي حومة لا تزال حية
وأنّها تبقى شعبية
زكارة في الــبوشكارة
حسين داي حومة أخوية تضامنية
شهدت تلك الديناميكية
رفقة صديقاي إسلام وعبد اللطيف
وكم فرحنا، كم فرحنا مع أولاد الملاحة
في الشوارع وفي المقاهي الشعبية
*
ليتم إعادة إطلاق
الثورة الصناعية والثورة الزراعية
والثورة الثقافية
ليتم بعث المؤسسات الوطنية
لبعث الروح الثورية التقدمية
من أجل تحقيق جمهورية شعبية
وطنية اجتماعية تضامنية أخوية
للتخلص من التخلف والتبعية
لتحقيق الاستقلالية التامة
هذه هي قناعتي العميقة
بقلم: محمد وليد قرين